مرحبا بكم في مدونتكم الاخبارية احباب المغرب

الجمعة، 18 أبريل 2014

الرحلة الأوروبية-يوميات مراسلة: برلين و"الفقر الجذّاب"!

تتلاحق مواعيد تقاريرنا وتتداخل. "تتآمر" قوانين السير في برلين علينا، إلى درجة يتحول معها ركن حافلتنا التي يتجاوز طولها السبعة أمتار إلى مهمة جماعية بقيادة جوان التي أظهرت حتى اللحظة "حرفية" عالية، تحديدا عندما ندخل شارع وارث أو "وارثشتراسي" المزدحم. للحي هنا رواده، وبرلين تخترع شارعا مفضلا لزوارها كل مدة، تتزين واجهات محلاتها ومقاهيها بوفرة الأفكار، وبفائض حيوية من شباب لفظتهم الأزمة الاقتصادية خارج مدنهم، وانتشلتهم عاصمة لم تستعصِ على ميزانياتهم. هو "الأمل البرليني"، تراه في شجاعة مشاريع شابة: تجارب مدروسة حينا، ولا يضاهيها في التهور حينا آخر سوى تنوع تسريحات شعر تعلن بالألوان رفضها للرتابة وللتجارب التي تشبه الأخطاء الشائعة، أي تلك التي قبلت على مضض لكثرة ما تكررت. نقصد مقهى يديره شاب فرنسي قرر الانتقال إلى برلين والمغامرة في مدينة المُتاح، حَوّل الزبائن الشباب الطاولات هنا إلى مكاتب عمل: "معظمنا يعمل بدوام حر في برلين، لأن عقود العمل الثابتة نادرة" يخبرني ستيفان، ويتحفظ عن اعطاء رقم حول متوسط دخل "الموظفين المستقلين" في بلد خاض معركة مؤخرا لإقرار الحد الأدنى للأجور، حُدد بعد طول نقاشات بين التحالف المسيحي بقيادة ميركل والنقابات والحزب الاشتراكي الديمقراطي بـ ٨,٥ يورو في الساعة. رغم الشكوى ينظر ستيفان من حوله مبتسما، فغياب عقود العمل الثابتة تعني غياب الدوامات الرسمية، وتنعكس اكتظاظا في المقهى طوال النهار. هو يحاول أن يجد حلا في الوقت الحالي لـ"أزمة" من نوع آخر: "كيف السبيل إلى تشجيع الرواد على طلب اكثر من فنجان قهوة اثناء الجلوس والعمل لساعات في هذا المكان، من دون أن يحسوا أن الإطالة غير مرغوب فيها"!. ... نمسك بخارطة المدينة، نتوجه نحو حي "ميتيه"، نمر بجانب المئات ممن يلتقطون صورا أمام بقايا حائط يلونه الغرافيتي وتعكر صفوه احيانا خربشات السياح. حائط يخيل إلي أنه نُثر منذ تاريخ هدمه عام ١٩٨٩ في ملايين العدسات والحكايات، قبل أن تدأب محلات بيع التذكارات السياحية والمعارض الفنية والأفلام على التقاط شظاياه فقط لمحاولة إعادة تشكيله، أو إدانته. نتابع سيرنا في حضن عاصمة قال عنها رئيس بلديتها منذ عقد من الزمن انها "فقيرة لكن جذابة"، كلاوس فوفريت كان محقا. برلين تفتح ذراعيها للمختلف. تعاني من نسبة بطالة تناهز 12 في المئة، لكن الآتي إليها لا يرى سوى كيف تغوي السلاسة زوارها، وكيف يتبع غاووها وحيهم لينعموا بجنتها، وكيف يسرع الإيطاليون والأسبان والبرتغاليون إلى تعلم لغة غوته وهم يعلمون أن استحالة العمل في بلدانهم وخيبة الطرد الجماعي المتكرر، يقابلهما هنا صعود أكثر من 1250 شركة ناشئة. وأن غليان الأسعار في باريس مثلا تواجهها وفرة عقارات داخل عاصمة تتيح للمرء أن يشتري منزلا بمساحة ثمانين مترا مربعا بقيمة لا تتجاوز المئة ألف يورو. هنا يتلخص التحدي بجملة تأتي على لسان إيمانويلا، الشابة الايطالية الجنسية، التي استسلمت لجاذبية نون الجماعة عند الحديث عن برلين "معركتنا هنا هي ألا يصادر الغلاء مدينتنا".

0 التعليقات:

إرسال تعليق